توضح جودي جينسبرج أن إسرائيل التي طالما تباهت بكونها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تحمي حرية الصحافة، لم تعد تحاول إخفاء استهدافها للإعلاميين. في الأحد الماضي قتلت علنًا ستة صحفيين بينما احتموا في خيمة مخصصة للعاملين في الإعلام.

اتهمت أحدهم، وهو مراسل الجزيرة أنس الشريف، بالانتماء إلى "الإرهاب"، دون تقديم مبرر لقتل الآخرين. قوانين الحرب واضحة: الصحفيون مدنيون، واستهدافهم عمدًا في النزاعات يُعد جريمة حرب.

يشير الجارديان إلى أن هذه الجرأة الإسرائيلية تجد جذورها في سجل حافل بالإفلات من العقاب؛ فخلال العقدين السابقين لسبعة أكتوبر، قتلت القوات الإسرائيلية عشرين صحفيًا، ولم يُحاسب أحد، بينهم شيرين أبو عاقلة التي اغتيلت عام 2022 وأصبحت أيقونة في المنطقة. أنس الشريف اكتسب بدوره شهرة واسعة لتغطيته الهجوم على غزة.

بدأت التهديدات الإسرائيلية للشريف منذ الأسابيع الأولى للحرب، إذ تلقى اتصالات من ضباط يطالبونه بوقف تغطيته ومغادرة شمال غزة، وأرسلوا له رسائل صوتية تكشف موقعه. في ديسمبر 2023 قصفت طائرات الاحتلال منزله فقتلت والده البالغ تسعين عامًا. بعد عام، اتهمه الجيش علنًا بأنه "إرهابي"، وكرر الاتهام الشهر الماضي عقب كشفه مستوى المجاعة في غزة نتيجة منع إدخال الغذاء الكافي، رغم أن منظمات مستقلة أكدت صحة تقاريره.

تؤكد لجنة حماية الصحفيين أن هذه الأساليب مألوفة: اتهامات بلا أدلة قاطعة، لتبرير القتل. اللجنة حذرت علنًا من أن الشريف مهدد ويحتاج حماية، لكن الجيش اغتاله مع زملائه. أصبح الشريف الصحفي الفلسطيني رقم 184 الذي يقتل منذ بداية الحرب، وواحدًا من 26 صحفيًا تقول اللجنة إنهم استُهدفوا عمدًا لعملهم. إسرائيل تنفي ذلك، لكنها لم تقدم دليلًا موثقًا على أن أيًّا من هؤلاء كان ينتمي لجماعات مسلحة، وبعض الوثائق التي عرضتها بدت مثيرة للسخرية، مثل الادعاء بأن صحفي قاد كتيبة في سن العاشرة.

تزايد ثقة إسرائيل بقدرتها على قتل الصحفيين يعود إلى ضعف رد الفعل الدولي. فبينما تلقّت لجنة حماية الصحفيين تضامنًا واسعًا عند مقتل إعلاميين في أوكرانيا، كان الموقف إزاء مقتل زملائهم في غزة خجولًا، ولم تصدر خطوات عملية مثل وقف مبيعات السلاح أو تعليق الاتفاقيات التجارية.

الآن، بعد مقتل أكثر من 192 صحفيًا وعاملًا في الإعلام منذ بدء الحرب، وهو أعلى رقم يسجل في أي نزاع، ازدادت الأصوات المنددة، لكن إذا استطاعت إسرائيل إبادة فريق إعلامي كامل دون رد فعل حاسم، فمن الصعب تصور ما يمكن أن يردعها لاحقًا.

مع تضييق إسرائيل المتواصل على التغطية الميدانية في غزة، يهدد الهجوم الحالي بإغلاق نافذة الوصول إلى الحقائق تمامًا.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/aug/13/israel-killing-gaza-journalists-anas-al-sharif